الرئيس الإيراني الأسبق بني صدر يشهد لصالح الرئيس صدام – أ.د. فكري سليم أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة الأزهر
الكاتب العراق للجميع
الأربعاء, 04 أغسطس 2010 09:14
الرئيس الإيراني الأسبق بني صدر يشهد لصالح الرئيس صدام
أ.د. فكري سليم أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة الأزهر
مع اقتراب يوم الثامن من أغسطس ذكرى توقف حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران لا زال الجدل يدور حول أسباب تلك الحرب وتحديد البادئ بها وحول نتائجها؛ فهناك من يدعم الرأي القائل بأن الجانب العراقي كان يبيت النية لمهاجمة إيران تخوفاً من انتقال ثورتها إليه فاستغل الوضع الداخلي وقام بمهاجمتها في 22/9/1980م، وهناك من يقول إن إيران هي التي اعتدت على العراق واخترقت حدوده قبل ذلك التاريخ، حيث قامت باعتداءات واستفزازات وسياسات عدائية ضد العراق، قدم بسببها حوالي 139 مذكرة احتجاج إلى إيران في الفترة ما بين 4/3/ 1979 و17/9/1989م.
ورغم أن هناك وثيقة صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق “خافير دي كويلار” في 9/12/1971م حمل فيها العراق مسؤولية شن الحرب، فهناك من شكك في مصداقية تلك الوثيقة واعتبر أن تحميل العراق مسؤولية شن الحرب جاء بناء على اتفاق أمريكي إيراني لتبادل مواطنين أمريكيين اختطفوا في لبنان من قبل حزب الله.
وإذا كان هناك جدل حول مسؤولية الحرب وعلى من تقع، فالمؤكد والذي لا خلاف حوله هو أن العراق وبعد ستة أيام من نشوب تلك الحرب، أبدى استعداده للسلام وعرض مبدأ التفاوض مع إيران حيث قال الرئيس العراقي صدام حسين: “إن العراق ليست لديه أطماع في أراضي الغير”، لكن آية الله الخميني رفض تلك الدعوة كما رفض كل القرارات والوساطات الداعية إلى وقف الحرب، إلى أن اضطر بعد ثماني سنوات من الرفض، إلى قبول قرار مجلس الأمن رقم 598 الصادر في 8/8/1980م والذي دعا إلى وقف إطلاق النار وانسحاب العراق من داخل الأراضي الإيرانية، وعند ذلك اعتبر آية الله الخميني قبوله لذلك القرار بمثابة تجرعه لكأس من السم!.
ذلك الموقف الرافض للصلح مع العراق من قبل آية الله الخميني وجد معارضة من ساسة ورجال دين إيرانيين كان من بينهم الرئيس الإيراني الأسبق بني صدر ورئيس الوزراء الأسبق مهدي بازرجان والمرجع الشيعي آية الله العظمى حسين الطباطبائي القمي، لكن معارضة هؤلاء وأمثالهم لسياسة الخميني في هذا الشأن، لم تجد آذاناً صاغية بل أدت إلى مطاردتهم كما حدث مع بني صدر، أو إلى عزلتهم كما حدث مع مهدي بازرجان وحسين الطباطبائي.
ومن المهم هنا أن أشير إلى ما ذكره بني صدر في ص 266 من مذكراته التي تحمل عنوان: “درس تجربه”، واستشهد به السيد حميد أحمدي في مقال له عنوانه:”فاجعه جنگ هشت ساله ايران وعراق فراموش شدني نيست”( كارثة حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق لا تُنسى)، حيث يبين كيف أن الرئيس صدام حسين أرسل السيد موسى الأصفهاني حفيد السيد أبو الحسن الأصفهاني أحد مراجع الشيعة المشاهير والذي أثنى عليه آية الله الخميني في كتابه “كشف الأسرار”، أرسله الرئيس صدام – في الأسبوع الأول لنجاح الثورة – إلى آية الله الخميني ليهنئه بنجاح الثورة ويعتذر له عن أية إساءة صدرت في حقه، و يبدى استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة في إيران، إلا أن آية الله الخميني رفض ما حمله مبعوث الرئيس صدام، بل وأعلن عن نية مبيتة للإطاحة بالنظام في العراق.
ثم يختتم بني صدر حديثه فيقول ما ترجمته:”نقلت رسالة صدام إلى السيد الخميني فقال: “إن صدام لن يستمر في العراق ستة أشهر أخرى، ولأنه يعلم أن أمواج الشعب العراقي سترتفع وتحمله إلى حيث حُمل الشاه، فهو يتوسل ليحصل منا على الشرعية حتى ينقذ نظامه”، وقد سعى السيد موسى بطرق أخرى لكنه لم يصل إلى نتيجة”.
هذه الشهادة من قبل الرئيس بني صدر- والتي أشرنا إليها في مقال سابق- تبين كيف أن العراق لم تكن لديه نية الاعتداء على إيران، بل كان يرغب في حسن جوار والعيش في سلام، لكن سياسة تصدير الثورة والغرور الخميني فرضا عليه تلك الحرب التي دعمها الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تمد كلا الطرفين بالعتاد لإنهاكهما معاً بحيث ألا يخرج أحدهما منتصراً من تلك الحرب التي كانت بمثابة حلقة مهمة من حلقات مشروع قديم لاحتلال العراق لم ينفذ بكامله آنذاك فدعمه كارثة احتلال الكويت والذي علق عليه بوش آنذاك قائلاً لقد ابتلع صدام الطعم، ثم تلا ذلك أكذوبة دعم القاعدة وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي بسببها احتُل العراق في عام 2003م وتم تدميره وأصبح كعكة يتقاسمها الأمريكيون والإيرانيون.
الكاتب العراق للجميع
الأربعاء, 04 أغسطس 2010 09:14
الرئيس الإيراني الأسبق بني صدر يشهد لصالح الرئيس صدام
أ.د. فكري سليم أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة الأزهر
مع اقتراب يوم الثامن من أغسطس ذكرى توقف حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران لا زال الجدل يدور حول أسباب تلك الحرب وتحديد البادئ بها وحول نتائجها؛ فهناك من يدعم الرأي القائل بأن الجانب العراقي كان يبيت النية لمهاجمة إيران تخوفاً من انتقال ثورتها إليه فاستغل الوضع الداخلي وقام بمهاجمتها في 22/9/1980م، وهناك من يقول إن إيران هي التي اعتدت على العراق واخترقت حدوده قبل ذلك التاريخ، حيث قامت باعتداءات واستفزازات وسياسات عدائية ضد العراق، قدم بسببها حوالي 139 مذكرة احتجاج إلى إيران في الفترة ما بين 4/3/ 1979 و17/9/1989م.
ورغم أن هناك وثيقة صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق “خافير دي كويلار” في 9/12/1971م حمل فيها العراق مسؤولية شن الحرب، فهناك من شكك في مصداقية تلك الوثيقة واعتبر أن تحميل العراق مسؤولية شن الحرب جاء بناء على اتفاق أمريكي إيراني لتبادل مواطنين أمريكيين اختطفوا في لبنان من قبل حزب الله.
وإذا كان هناك جدل حول مسؤولية الحرب وعلى من تقع، فالمؤكد والذي لا خلاف حوله هو أن العراق وبعد ستة أيام من نشوب تلك الحرب، أبدى استعداده للسلام وعرض مبدأ التفاوض مع إيران حيث قال الرئيس العراقي صدام حسين: “إن العراق ليست لديه أطماع في أراضي الغير”، لكن آية الله الخميني رفض تلك الدعوة كما رفض كل القرارات والوساطات الداعية إلى وقف الحرب، إلى أن اضطر بعد ثماني سنوات من الرفض، إلى قبول قرار مجلس الأمن رقم 598 الصادر في 8/8/1980م والذي دعا إلى وقف إطلاق النار وانسحاب العراق من داخل الأراضي الإيرانية، وعند ذلك اعتبر آية الله الخميني قبوله لذلك القرار بمثابة تجرعه لكأس من السم!.
ذلك الموقف الرافض للصلح مع العراق من قبل آية الله الخميني وجد معارضة من ساسة ورجال دين إيرانيين كان من بينهم الرئيس الإيراني الأسبق بني صدر ورئيس الوزراء الأسبق مهدي بازرجان والمرجع الشيعي آية الله العظمى حسين الطباطبائي القمي، لكن معارضة هؤلاء وأمثالهم لسياسة الخميني في هذا الشأن، لم تجد آذاناً صاغية بل أدت إلى مطاردتهم كما حدث مع بني صدر، أو إلى عزلتهم كما حدث مع مهدي بازرجان وحسين الطباطبائي.
ومن المهم هنا أن أشير إلى ما ذكره بني صدر في ص 266 من مذكراته التي تحمل عنوان: “درس تجربه”، واستشهد به السيد حميد أحمدي في مقال له عنوانه:”فاجعه جنگ هشت ساله ايران وعراق فراموش شدني نيست”( كارثة حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق لا تُنسى)، حيث يبين كيف أن الرئيس صدام حسين أرسل السيد موسى الأصفهاني حفيد السيد أبو الحسن الأصفهاني أحد مراجع الشيعة المشاهير والذي أثنى عليه آية الله الخميني في كتابه “كشف الأسرار”، أرسله الرئيس صدام – في الأسبوع الأول لنجاح الثورة – إلى آية الله الخميني ليهنئه بنجاح الثورة ويعتذر له عن أية إساءة صدرت في حقه، و يبدى استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة في إيران، إلا أن آية الله الخميني رفض ما حمله مبعوث الرئيس صدام، بل وأعلن عن نية مبيتة للإطاحة بالنظام في العراق.
ثم يختتم بني صدر حديثه فيقول ما ترجمته:”نقلت رسالة صدام إلى السيد الخميني فقال: “إن صدام لن يستمر في العراق ستة أشهر أخرى، ولأنه يعلم أن أمواج الشعب العراقي سترتفع وتحمله إلى حيث حُمل الشاه، فهو يتوسل ليحصل منا على الشرعية حتى ينقذ نظامه”، وقد سعى السيد موسى بطرق أخرى لكنه لم يصل إلى نتيجة”.
هذه الشهادة من قبل الرئيس بني صدر- والتي أشرنا إليها في مقال سابق- تبين كيف أن العراق لم تكن لديه نية الاعتداء على إيران، بل كان يرغب في حسن جوار والعيش في سلام، لكن سياسة تصدير الثورة والغرور الخميني فرضا عليه تلك الحرب التي دعمها الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تمد كلا الطرفين بالعتاد لإنهاكهما معاً بحيث ألا يخرج أحدهما منتصراً من تلك الحرب التي كانت بمثابة حلقة مهمة من حلقات مشروع قديم لاحتلال العراق لم ينفذ بكامله آنذاك فدعمه كارثة احتلال الكويت والذي علق عليه بوش آنذاك قائلاً لقد ابتلع صدام الطعم، ثم تلا ذلك أكذوبة دعم القاعدة وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي بسببها احتُل العراق في عام 2003م وتم تدميره وأصبح كعكة يتقاسمها الأمريكيون والإيرانيون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق